تقرير : جومان عبد الرحمن
غزة – تقرير خاص – لا بد أنكم سمعتم في يوم عن تلك الشريحة التي سُبغت أجسادها بالسواد , بعد أن لفحتها حرارة الشمس المحرقة , وامتلأت كفوف أيديها بالنخزات والحفر , وطُبعت على جبينها علامات العز والكرامة .
شريحة كانت تسبق الطيور, وتشق الظلام , تغدو قبل كل فجر , لتجلب لقمة العيش لصغارها , فئة كانت تمشي على الجمر , وتضع أرواحها على أكفها , قبل أن يسمح لها جنود الاحتلال بالدخول إلى إسرائيل , حيث يعملون هناك لساعات يعجز أي عامل على وجه الأرض تحملها .
خوف وألم … سرعان ما كان يتبدد بمجرد وصوله إلى أطفاله , محملاً بأنواع من الحلوى والفواكه , والألعاب , التي أصبحت ذكريات من الماضي السعيد …
فلم تعد الفواكه والحلويات أصلاً في قائمة مشترياته , فهناك رسوم جامعية ومدرسية , قرطاسية , إيجار منزل , ملابس , رغيف الخبز….. هو كل همه .
بعضهم يهرب من منزله , ويرجع آخر الليل ليتحاشى طلبات أولاده , وآخرون يقضون ساعات وساعات في البحث عن جمعيات توزع طرود ومساعدات غذائية , و يتجرعون الذل والمهانة, قبل أن يظفروا بها هدا إن حصلوا عليها , فالأولوية لأنصار حماس التي تتبع إليهم تلك الجمعيات .
فيما يعاني بعض العمال العاطلين عن العمل اضطرابات نفسية , أقلها العصبية الزائدة والاكتئاب الذي دفع البعض منهم للتفكير في الانتحار !!!
العهد أجرت لقاءات منفصلة مع عدد من العمال العاطلين عن العمل , ونبدأها بلقائنا مع أبو أشرف الذي بدا حزينا على حاله وحال أولاده :-
‘ كنت أنتظر لحظة تخرج ابني من الجامعة , بعد أن دفعت دم قلبي حتى يحصل على شهادته , ويجد عملاً ملائماً يؤمن له ولنا حياة كريمة , لكن للأسف أصبحت فرصة حصوله على وظيفة مستحيلة , في ظل الانقسام الحاصل , و الذي يحرم شباب القطاع من الحصول على وظائف في السلطة , فيما تبيع حماس جميع المساعدات التي تصل إلى الشعب لدفع رواتب موظفيها الدين يعملون في وزاراتها الغير شرعية , في الوقت الذي يدفع فيه شبابنا وعمالنا وطلابنا ومرضانا وجميع شرائح الشعب, ثمناً لدلك الانقلاب الأسود وتداعياته’ .
عامل آخر وهو أيضاً عاطل عن العمل علق على الموضوع بسخرية وقال :
‘ أبو العبد والله ما قصر , كل 3 سنين بوزع له كم 100 دولار مزيفات على كم عامل , والدنيا كلها بتعرف انه أبو العبد أعطى العمال مكرمة 100 دولار , يخلف عليه لليوم بنصرف منها , دفعت رسوم أولادي الاثنين بالجامعة , وبأدفع منها أجار شهري للبيت , وأكل وشرب وبأكسي الأولاد , ايش بدنا أكتر من هيك !!!!!!!! ‘.
والأدهى أن العاملين بشركة توزيع الكهرباء بغزة , لا يتوانون عن قطع التيار الكهربائي عن أسر العمال , وبحسب مجموعة من العائلات , فإن موظفي الشركة يأتون مع بداية كل شهر, و بحماية من شرطة حماس المقالة, لمطالبتهم بدفع على الأقل مبلغ 100 شيكل وإلا يتم قطع التيار الكهربائي عنهم !!!!!.
يقول أبو حسن :’ مع بداية أول شهر يأتي بعض العاملين في الشركة , ويطالبونا بدفع الرسوم , ويرفضون حتى الاستماع لنا , ويسرعون لقطع التيار الكهربائي عن منزلي , فأضطر للاستدانة من هنا وهناك, وأذهب لتسديد بعضاً من الرسوم حتى أحصل على الكهرباء ‘ .
ويضيف : ‘ الظلم هنا في غزة زاد عن حده , فمبلغ ال 100 شيكل الذي تطالبني بدفعه شركة الكهرباء- كحد أدنى – في أول كل شهر , كنت أصرفه في يوم واحد حينما كنت أعمل , ولكن الآن بأحسبها ألف مرة قبل ما أصرف شيكل واحد , فلا يوجد لدي أي مصدر للدخل ‘ .
ويتابع : ‘ والله الذبح بالميت حرام ” .
التعليم , الطعام الجيد , الحياة الكريمة حلال على حماس… حرام على العامل .
الشعوب الأخرى قررت , وخرجت , ونجحت , وغيرت , وتنتظر الحصاد , ونحن ؟ ماذا فاعلون؟ صناع الانتفاضات , عنوان الثورات , ماذا ننتظر؟ نعود ونكرر إما الثورة أو الثورة …
Advertisements